Apple Credit Card

✍️عبدالرحمن عبدالله 

هيوستن، تكساس

ابريل، ٢٠١٩

1.لم يكن إعلان شركة أبل عن طرح منتجها الجديد أمراً مفاجئا. فقد ظل المراقبون يتحدثون منذ فترة عن سعي عملاق التكنولوجيا (شركة أبل) استخدام رصيده الجماهيري للولوج الى قطاع الخدمات المالية. فالشركة تستند على قاعدة مالية صلبة تتيح لها المنافسة في هذا القطاع الحيوي. أعلنت أبل عن بعض الميزات (والتي لا أرى فيها اختلافا جوهريا) كي تميز نفسها عن باقي الشركات التي تقدم خدمات البطاقة الائتمانية

2.بحسب ما تم الإعلان عنه حتى الآن؛ فقد قامت أبل بإلغاء الرسوم التالية في بطاقتها الوليدة

·     رسوم إصدار البطاقة Issuance Fee 

·     الرسوم السنوية Annual Fee

·     رسوم استخدام البطاقة خارج الولايات المتحدة Foreign Transaction Fee

·     غرامة التأخر في سداد الفاتورة الشهرية Late payment fee

كما وعدت أبل بأن نسبة الفائدة السنوية على بطاقاتها ستكون أكثر تنافسية بالمقارنة مع باقات الائتمان الأخرى. 

3.من المميزات التي حاولت أبل الانفراد بها ان مستخدمي البطاقة سيتمكنون من متابعة مشترياتهم ودفعياتهم عبر تطبيق خاص. هذا التطبيق يمكن صاحب البطاقة من التحكم في سلوكه الاستهلاكي ومراقبة مصروفاته اليومية، الأسبوعية، الشهرية، بل والسنوية في شكل رسوم بيانيه ملونة. هذه الرسوم ستسهل على الشخص معرفة حجم وتوزيع إنفاقه الشخصي على السلع والخدمات المختلفة. ثم ان صاحب البطاقة سيتمكن من تحديد نسب ومقدار الفائدة التي ستفرض عليه (بصورة أكثر دقة) إذا ما قرر دفع جزء من قيمة فاتورته الشهرية. مع العلم انه ليست هناك فائدة محتسبة اذا ما تم دفع قيمة مشتريات البطاقة كاملة خلال فترة أقصاها ٤٥ يوم (ما يعرف ب الbilling cycle)، وهذا امر مطبق في كل بطاقات الائتمان، وليس محصورا على بطاقة أبل فقط.

كما اعلنت أبل عن برنامجا الخاص بمكافأة العملاء(cash back program) والذي سيمكنهم من الحصول على مكافآت مشترياتهم بصورة فورية (مقابل كل دولار يتم إنفاقه باستخدام البطاقة) وليس في نهاية دورة الفاتورة كما هو الحال في البطاقات الأخرى.

4.اما الفارق الجوهري الذي أعلنت عنه أبل فهو ان بطاقتها لن يكون لها رقم سري، ولن تحمل في مؤخرتها تاريخا للانتهاء الصلاحية. وبدلا عن ذلك ستقوم الشركة بتخصيص رقم خاص لكل بطاقة، هذا الرقم سيتم إخفاؤه وحفظه في ملف سري داخل جهاز الآيفون الذي يستخدمه صاحب البطاقة. وبدلا من امتلاك بطاقة بلاستيكية للدفع، سيكون بوسع صاحب البطاقة إتمام مشترياته عبر جهاز الايفون الخاص به او ساعة أبل. اما إذا رغب في امتلاك بطاقة، فإن أبل ستمنحه بطاقة أنيقة من التانتينيوم، منقوش عليها شعار أبل. هذه البطاقة الأنيقة، والتي تم تصميمها بشكل متسق مع باقي منتجات أبل ربما لعبت دورا أساسياً في إقناع جماهير أبل (وبخاصة جيل الألفية منهم) بالإسراع في التسجيل للحصول على البطاقة الائتمانية. 

5.وفقا لما جاء في إعلان الشركة، فإن أبل سوف تطرح بطاقتها بالتعاون مع عملاق الاستثمار “غولدمان ساكس” أحد أكبر البنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة. على الرغم من ان نشاطات غولدمان ساكس تتركز بصورة أساسية في تقديم خدمات التمويل للمؤسسات والشركات(Corporate Finance) الا ان قراره التعاون مع أبل يعني ضمنيا دخوله عالم تمويل الأفراد(Personal Finance). أما ماستركارد فهي من ستقوم بإصدار البطاقة.

السؤال الذي نحاول الإجابة عليه هو: ما لذي دفع أبل لولوج عالم الائتمان رغم مخاطرة المعروفة، والمنافسة الحادة من قبل البنوك وشركات التمويل الأخرى؟

6.بحسب إفادات محللي الأسواق، يبدوا ان الدافع وراء هذه الخطوة هو رغبة أبل في ايجاد موطئ قدم في قطاع الدفع وتحويل الأموال عبر الموبايل(Mobile Payment and Money Transfer). فقد أطلقت أبل قبل فترة خدمة الApple Pay، لكنها فشلت في ترويجها، حتى وسط مستخدمي الأيفون (واللذين يمثلون الشريحة الأكثر ولاء لمنتجات وخدمات أبل). فمستخدمي الApple Pay تجاوز عددهم ال ٣٠مليوناً بقليل، بينما اقترب مستخدمي الPayPal من حاجز ال ٢٧٠ مليوناً. إذن فربما كان الدافع وراء إطلاق الApple CC هو إعطاء زخم أكبر لخدمة الApple Pay، سيما وان بطاقات أبل ستكون مربوطة معها بصورة مباشرة. أشارت صحيفة وول ستريت جورنال، الى ان استخدام خدمة الApple Pay يتيح لأبل تقاضي رسوم من قيمة المعاملة المالية (تدفعها لها شركات الكريديت كارد). فإذا ما تمكنت أبل من زيادة عدد مستخدمي الApple Pay بنسبة ١٠٪؜، مع توسع بسيط في عدد عملاءApple CC ، فإنها يمكن ان تحقق عوائد سنوية في حدود المليارين دولار. وهذا ما يعني للشركة تنويعا لمصادر ايراداتها، سيما وأن إيرادات بقرتها الحلوب (الايفون) شهدت تراجعا ملحوظا بسبب إحجام الصينيين عن شراء الإصدارات الأخيرة من الأيفون.

7.جاءت أولى التحفظات على بطاقة أبل على خلفية علاقتها ب “غولدمان ساكس”. فعملاق الاستثمار المثير للجدل ينظر اليه قطاع كبير بنوع من الريبة. لا غرو فقد إرتبط إسمه بالأزمة المالية التي عصفت بالبلاد في العام ٢٠٠٨، فقد أثبتت التحقيقات تورط عدد من قياداته في عمليات غير مشروعة أضرت بمئات الآلاف من الأسر متوسطة الدخل، بل كادت ان تؤدي الى انهياره لولا إنقاذه من قبل الحكومة الأمريكية (وبأموال دافعي الضرائب). ورغم ان البنك قد تمكن من تجاوز أزماته، إلا ان الكثيرين مازالوا يشككون في نزاهته والتزامه بضوابط وأخلاقيات العمل التجاري”Business Ethics”. وهذا ما دفع المحللين الى ترجيح إمكانية استغلال البنك لبيانات مستخدمي البطاقة، وسلوكهم الاستهلاكي. وذلك عبر تحليلها وبيع نتائجها لشركات التسويق. او استغلال البيانات لتصميم منتجات تمويل للشرائح المختلفة من العملاء (حسب اهتماماتها ووضعها المالي). وعلى الرغم من ان أبل شددت على التزامها بسرية معلومات العملاء، الا ان السمعة غير الحميدة ل “غولدمان ساكس” يصعب تجاوزها.

8.في الختام، يجب التنبيه الى انه وعلى الرغم من ان بطاقة أبل لم تأتي حتى الآن بميزة فريدة، الا انه من المتوقع ان تجد قبولا لدى عشاق أبل. فهؤلاء يراهنون دوما على أبل، ويبررون رهانهم بأن أبل تأتي متأخرة، لكنها في كل مرة تستوعب طبيعة القطاع وجمهوره وخدماته. ثم تقدم حلولا ومنتجات أكثر إبداعا وأوسع شمولا. هذا ما فعلته أبل مع قطاع الهاتف الجوال مثلا. فهي لم تكن من أوائل منتجيه وقد سبقتها الى ذلك أسماء لامعة. لكنها نجحت في تغيير ملامح المنتج وذلك من خلال الإضافات الفريدة التي أدخلتها على الآيفون. نفس الخطة طبقتها أبل مع منتجي الآيباد وساعة أبل. فهل تفعلها أبل مرة أخرى مع الApple Credit Cardوتحدث نقلة نوعية في الخدمة، ام انها ستدفع ثمنا باهظا لتعاونها مع “غولدمان ساكس”.

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Thanks for submitting your comment!